الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.مهلك نصر بن محمود وولاية أخيه سابق. ولما هلك نصر ملك أخوه سابق قال ابن الأثير: وهو الذي أوصى له أبوه بالملك فلم ينفذ عهده لصغره فما ولي استدعى أحمد شاه مقدم التركمان الذين قتلوا أباه فخلع عليه وأحسن إليه وبقي فيها ملكا..استيلاء مسلم بن قريش على حلب من يد سابق وانقراض دولة بني صالح بن مرداس. ولما كانت سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة زحف تتش بعد أن ملك دمشق إلى حلب فحاصرها أياما ووجل أهل حلب من ولاية الترك فبعثوا إلى مسلم بن قريش ليملكوه ثم بدا لهم في أمره ورجع من طريقه وكان مقدمهم يعرف بابن الحسين العباسي وخرج ولده متصيدا في ضيعة له فأرسل له بعض أهل القلاع بنواحي حلب من التركمان وأسره وأرسله إلى مسلم بن قريش فعاهده على تمكينه من البلد وعاد إلى أبيه فسلم البلد إلى مسلم بن قريش وملكها سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ولحق سابق بن محمود وأخوه وثاب إلى القلعة واستنزلهما بعد أيام على الأمان واستولى على نواحيها وبعث إلى السلطان ملك شاه بالفتح وأن يضمن البلد على العادة فأجابه إلى ذلك وصارت في ولاية مسلم بن قريش إلى أن ملكها السلطان من بعده..استيلاء السلطان ملك شاه على حلب وولاية أقسنقر عليها. قد تقدم لنا أن مسلم بن قريش قتله سليمان بن قطلمش كما مر في أخبار مسلم فلما قتله أرسل إليه ابن الحسين العباسي مقدم أهل حلب يطلب تسليمها إليه وكان تتش أيضا قد حاصرها وضيق عليها يطلب ملكها فوعد كلا منهما ونمي الخبر إلى تتش فسار إلى حلب وجاءه سليمان بن قطلمس فاقتتلا وقتل سليمان سنة تسع وسبعين وأربعمائة وبعث برأسه إلى ابن الحسين فكتب أنه يشاور السلطان ملك شاه في ذلك فغضب تتش وحاصره وداخله بعض أهل البلد فغدر به وأدخله ليلا فملك تتش مدينة حلب وشفع الأمير أرتق بن أكسك من أمراء تتش في ابن الحثيثي وامتنع بالقلعة سالم بن مالك بن بدران ابن المقلد فحاصره تتش وكان ابن الحثيثي قد كاتب السلطان ملك شاه واستدعاه لملك حلب عندما خاف من أخيه تاج الدولة تتش فسار إليها من أصفهان سنة تسع وأربعين وأربعمائة ومر بالموصل ثم تسلم حران من يد ابن الشاطر وأقطعها لمحمد بن قريش ثم سار إلى الرها فملكها من يد الروم وكانوا اشتروها من ابن عطية وسار إلى قلعة جعفر فملكها وقتل من بها من بني قشير وأخذ صاحبها جعفرا شيخا أعمى وولدين له وكانوا يفسدون السابلة ويرجعون إليها ثم سار إلى منبج فملكها وسار إلى حلب وأخوه تتش يحاصر القلعة سبعة عشر يوما من حصارها وعاد إلى دمشق وملك السلطان مدينة حلب وقاتل القلعة ساعة من نهار رشقا بالسهام فأذعن سالم بن مالك بن بدران بالطاعة والنزول عنها على أن يقطعه قلعة جعفر فأقطعها له السلطان فلم تزل بيده ويد بنيه إلى أن ملكها منهم نور الله بن الشهيد وبعث نصر بن علي بن منقذ الكتاني صاحب شيزر بالطاعة وولى على حلب قسيم الدولة أقسنقر جد العادل نور الدين الشهيد وارتحل عائدا إلى العراق وسأله أهل حلب أن يعفيهم من ابن الحثيثي فاستصلحه وأرسله إلى ديار بكر فنزلها إلى أن توفي على حال شديدة من الفقر والإملاق والله مالك الأمور لا رب غيره..الخبر عن دولة بني مزيد ملوك الحلة وابتداء أمرهم وتصاريف أحوالهم. كان بنو مزيد هؤلاء من بني أسد وكانت محلاتهم من بغداد إلى البصرة إلى نجد وهي معروفة وكانت لهم النعمانية وكانت بنو دبيس من عشائرهم في نواحي خوزستان في جزائر معروفة بهم وكان كبير بني مزيد أبو الحسن علي بن مزيد وأخوه أبو الغنائم وسار أبو الغنائم إلى بني دبيس فأقام عندهم وفر فلم يدركوه ولحق بناحية أبي الحسن فسار إليهم أبو الحسن واستمد عميد الجيوش فأمده بعسكر من الديلم في البحر ولقيهم فانهزم أبو الحسن وقتل أبو الغنائم وذلك سنة إحدى وأربعمائة فما كانت سنة خمس وأربعمائة جمع أبو الحسن وسار إليهم لإدراك الثأر بأخيه وجمع بني دبيس وهم مضر وحسان ونبهان وطراد فاجتمع إليهم العرب ومن في نواحيهم من الأكراد الشاهجان والحادانية وتزاحفوا ثم انهزم بنو دبيس وقتل حسان ونبهان واستولى أبو الحسن بن مزيد على أموالهم وحللهم ولحق الفل منهم بالجزيرة وقلده فخر الدولة أمر الجزيرة الدبيسية واستثنى منها الطيب وقرقوب وأقام أبو الحسن هناك ثم جمع مضر بن دبيس جمعا وكبسه فنجا في فل يسير ولحق ببلد النيل منهزما واستولى مضر على أمواله وعلى الجزيرة وملكها.
|